فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



المسألة الثانية:
{مُّدَّكِرٍ} مفتعل من ذكر يذكر وأصله مذتكو (لما) كان مخرج الذال قريبًا من مخرج التاء، والحروف المتقاربة المخرج يصعب النطق بها على التوالي ولهذا إذا نظرت إلى الذال مع التاء عند النطق تقرب الذال من أن تصير تاء والتاء تقرب من أن تصير دالًا فجعل التاء دالًا ثم أدغمت الدال فيها ومنهم من قرأ على الأصل مذتكر ومنهم من قلب التاء دالًا وقرأ مذدكر ومن اللغويين من يقول في مدكر مذدكر فيقلب التاء ولا يدغم ولكل وجهة، والمدكر المعتبر المتفكر، وفي قوله: {مُّدَّكِرٍ} إما إشارة إلى ما في قوله: {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قالواْ بلى} [الأعراف: 172] أي هل من يتذكر تلك الحالة وإما إلى وضوح الأمر كأنه حصل للكل آيات الله ونسوها {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} يتذكر شيئًا منها.
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16)}.
وفيه وجهان أحدهما: أن يكون ذلك استفهامًا من النبي صلى الله عليه وسلم تنبيهًا له ووعدًا بالعاقبة وثانيهما: أن يكون عامًا تنبيهًا للخلق ونذر أسقط منه ياء الإضافة كما حذف ياء يسري في قوله تعالى: {واليل إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4] وذلك عند الوقف ومثله كثير كما في قوله تعالى: {فَإِيَّاىَ فاعبدون} [العنكبوت: 51] {وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ} [ياس: 43] {يا عباد فاتقون} [الزمر: 16] وقوله تعالى: {وَلاَ تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] وقرئ بإثبات الياء: {عَذَابِى ونذري} وفيه مسائل:
الأولى: ما الذي اقتضى الفاى في قوله تعالى: {فَكَيْفَ كَانَ}؟ نقول: أما إن قلنا إن الاستفهام من النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه تعالى قال له قد علمت أخبار من كان قبلك فكيف كان أي بعدما أحاط بهم علمك بنقلها إليك، وأما إن قلنا الاستفهام عام فنقول لما قال: {هَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ} [القمر: 15] فرض وجودهم وقال: يا من يتذكر، وعلم الحال بالتذكير: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى} ويحتمل أن يقال: هو متصل بقوله: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} تقديره مدكر كيف كان عذابي.
المسألة الثانية:
ما رأوا العذاب ولا النذر فكيف استفهم منهم؟ نقول: أما على قولنا الاستفهام من النبي صلى الله عليه وسلم فقد علم لما علم، وأما على قولنا عام فهو على تقدير الإدكار وعلى تقدير الإدكار يعلم الحال، ويحتمل أن يقال: إنه ليس باستفهام وإنما هو إخبار عن عظمة الأمر كما في قوله تعالى: {الحاقة مَا الحاقة} [الحاقة: 1، 2] و{القارعة مَا القارعة} [القارعة: 1، 2] وهذا لأن الاستفهام يذكر للإخبار كما أن صيغة هل تذكر للاستفهام فيقال زيد في الدار؟ بمعنى هل زيد في الدار، ويقول المنجز وعده هل صدقت؟ فكأنه تعالى قال: عذابي وقع وكيف كان أي كان عظيمًا وحينئذ لا يحتاج إلى علم من يستفهم منه.
المسألة الثالثة:
قال تعالى من قبل: {فَفَتَحْنَا}، {وَفَجَّرْنَا}، {وبأعيننا} ولم يقل كيف كان عذابنا نقول لوجهين أحدهما: لفظي وهو أن ياء المتكلم يمكن حذفها لأنها في اللفظ تسقط كثيرًا فيما إذا التقى ساكنان، تقول: غلامي الذي، وداري التي، وهنا حذفت لتواخي آخر الآيات، وأما النون والألف في ضمير الجمع فلا تحذف وأما الثاني: وهو المعنوي فنقول: إن كان الاستفهام من النبي صلى الله عليه وسلم فتوحيد الضمير للأنباء، وفي فتحنا وفجرنا لترهيب العصاة، ونقول: قد ذكرنا أن قوله: {مُّدَّكِرٍ} [القمر: 15] فيه إشارة إلى قوله: {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} [الأعراف: 172] فلما وحد الضمير بقوله: {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} قال فكيف كان.
المسألة الرابعة:
النذر جمع نذير فهل هو مصدر كالنسيب والنحيب أو فاعل كالكبير والصغير؟ نقول: أكثر المفسرين على أنه مصدر ههنا، أي كيف كان عاقبة عذابي وعاقبة إنذاري والظاهر أن المراد الأنباء، أي كيف كان عاقبة أعداء الله ورسله؟ هل أصاب العذاب من كذب الرسل أم لا؟ فإذا علمت الحال يا محمد فاصبر فإن عاقبة أمرك كعاقبة أولئك النذر ولم يجمع العذاب لأنه مصدر ولو جمع لكان في جمعه تقدير وفرض ولا حاجة إليه، فإن قيل: قوله تعالى: {كذبت ثمود بالنذر} أي بالإنذارات لأن الإنذارات جاءتهم، وأما الرسل فقد جاءهم واحد، نقول: كل من تقدم من الأمم الذين أشركوا بالله كذبوا بالرسل وقالوا: ما أنزل الله من شيء وكان المشركون مكذبين بالكل ما خلا إبراهيم عليه السلام فكانوا يعتقدون فيه الخير لكونه شيخ المرسلين فلا يقال: {كذبت ثمود بالنذر}، أي بالأنبياء بأسرهم، كما أنكم أيها المشركون تكذبون بهم.
ثم قال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر} وفيه وجوه الأول: للحفظ فيمكن حفظه ويسهل، ولم يكن شيء من كتب الله تعالى يحفظ على ظهر القلب غير القرآن.
وقوله تعالى: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} أي هل من يحفظ ويتلوه الثاني: سهلناه للاتعاظ حيث أتينا فيه بكل حكمة الثالث: جعلناه بحيث يعلق بالقلوب ويستلذ سماعه ومن لا يفهم يتفهمه ولا يسأم من سمعه وفهمه ولا يقول قد علمت فلا أسمعه بل كل ساعة يزداد منه لذة وعلمًا.
الرابع: وهو الأظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر بحال نوح عليه السلام وكان له معجزة قيل له: إن معجزتك القرآن {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرءان لِلذّكْرِ} تذكرة لكل أحد وتتحدى به في العالم ويبقى على مرور الدهور، ولا يحتاج كل من يحضرك إلى دعاء ومسألة في إظهار معجزة، وبعدك لا ينكر أحد وقوع ما وقع كما ينكر البعض انشقاق القمر، وقوله تعالى: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} أي متذكر لأن الافتعال والتفعل كثيرًا ما يجيء بمعنى، وعلى هذا فلو قال قائل: هذا يقتضي وجود أمر سابق فنسي، نقول: ما في الفطرة من الانقياد للحق هو كالمنسي فهل من مدكر يرجع إلى ما فطر عليه وقيل: فهل من مدكر أي حافظ أو متعظ على ما فسرنا به قوله تعالى: {يَسَّرْنَا القرءان لِلذّكْرِ} وقوله: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} وعلى قولنا المراد متذكر إشارة إلى ظهور الأمر فكأنه لا يحتاج إلى نكر، بل هو أمر حاصل عنده لا يحتاج إلى معاودة ما عند غيره. اهـ.

.قال ابن عطية:

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقالوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)}.
سوق هذه القصة وعيد لقريش وضرب مثل لهم، وقوله: {وازدجر} إخبار من الله أنهم زجروا نوحًا بالسب والنجه والتخويف، قاله ابن زيد وقرأ: {لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين} [الشعراء: 116]، وذهب مجاهد إلى أن {وازدجر} من كلام {قوم نوح}، كأنهم قالوا {مجنون وازدجر}، والمعنى: استطير جنونًا واستعر جنونًا، وهذا قول فيه تعسف وتحكم.
وقرأ نافع وأبو عمرو وعاصم والأعرج والحسن (أني) بفتح الألف، أي (بأنه) كان دعاءه كان هذا المعنى. وقرأ عاصم أيضًا وابن أبي إسحاق وعيسى (إني) بكسر الألف كأن دعاءه كان هذا اللفظ قال سيبويه: المعنى قال إني.
وذهب جمهور المفسرين إلى أن المعنى أني قد غلبني الكفار بتكذيبهم وتخويفهم، انتصر لي منهم بأن تهلكهم، ويحتمل أن يريد: فانتصر لنفسك إذ كذبوا رسولك. ويؤيده قول ابن عباس إن المراد بقوله: لمن كان كفر الله تعالى، فوقعت الإجابة على نحو ما دعا نوح عليه السلام، وذهبت المتصوفة إلى أن المعنى: إني قد غلبتني نفسي في إفراطي في الدعاء على قومي فانتصر مني يا رب بمعاقبة إن شئت. والقول الأول هو الحق إن شاء الله يدل على ذلك اتصال قوله: {ففتحنا} الآية، وذلك هو الانتصار في الكفار.
وقرأ جمهور القراء: {ففتَحنا} بتخفيف التاء. وقرأ ابن عامر وأبو جعفر والأعرج: {ففتّحنا} بشدها على المبالغة ورجحها أبو حاتم لقوله تعالى: {مفتحة لهم الأبواب} [ص: 50]، قال النقاش: يعني بالأبواب المجرة وهي شرج السماء كشرج العبية، وقال قوم من أهل التأويل: الأبواب حقيقة فتحت في السماء أبواب جرى منها الماء. وقال جمهور المفسرين: بل هو مجاز وتشبيه، لأن المطر كثر كأنه من أبواب. والمنهمر الشديد الوقوع الغزير. قال امرؤ القيس: الرمل:
راح تمْريه الصبا ثم انتحى ** فيه شؤبوب جنوب منهمر

وقرأ الجمهور: {وفجّرنا} بشد الجيم. وقرأ ابن مسعود وأصحابه وابو حيوة عن عاصم {وفجَرنا} بتخفيفها. وقرأ الجمهور {فالتقى الماء} على اسم الجنس الذي يعم ماء السماء وماء العيون. وقرأ الحسن وعلي بن أبي طالب وعاصم الجحدري.
{فالتقى الماءان} ويروى عن الحسن: {فالتقى الماوان}.
وقوله: {على أمر قد قدر} قال فيه الجمهور على رتبة وحالة قد قدرت في الأزل وقضيت. وقال جمهور من المتأولين المعنى: على مقادير قد قدرت ورتبت وقت التقائه، ورووا أن ماء الأرض علا سبعة عشر ذراعًا وكان ماء السماء ينزل عليه بقية أربعين ذراعًا أو نحو هذا لأنه مما اختلفت فيه الروايات ولا خبر يقطع العذر في شيء من هذا التحرير.
وقرأ أبو حيوة: {قدّر} بشد الدال. وذات الألواح والدسر: هي السفينة قيل كانت ألواحها وخشبها من ساج، والدسر: المسامير، واحدها: دسار، وهذا هو قول الجمهور، وهو عندي من الدفع المتتابع، لأن المسمار يدفع أبدًا حتى يستوي. وقال الحسن وابن عباس أيضًا: الدسر: مقادم السفينة، لأنها تدسر الماء أي تدفعه والدسر: الدفع. وقال مجاهد وغيره: نطق السفينة. وقال أيضًا: هو أرض السفينة. وقال أيضًا: أضلاع السفينة، وقد تقدم القول في شرح قصة السفينة مستوعبًا، وجمهور الناس على أنها كانت على هيئة السفن اليوم كجؤجؤ الطائر، وورد في بعض الكتب أنها كانت مربعة، طويلة في السماء، واسعة السفل، ضيقة العلو، وكان أعلاها مفتوحًا للهواء والتنفس، قال: لأن الغرض منها إنما كانت السلامة حتى ينزل الماء، ولم يكن طلب الجري وقصد المواضع المعينة، ومع هذه الهيئة فلها مجرى ومرسى، والله أعلم كيف كانت، والكل محتمل.
وقوله: {بأعيننا} قال الجمهور معناه: بحفظنا وحفايتنا وتحت نظرنا لأهلها، فسمى هذه الأشياء أعينًا تشبيهًا، إذ الحافظ المتحفي من البشر إنما يكون ذلك الأمر نصب عينه، وقيل المراد من حفظها من الملائكة سماهم عيونًا، وقال الرماني وقيل إن قوله: {بأعيننا} يريد العيون المفجرة من الأرض.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف.
وقرأ أبو السمال: {بأعينا} مدغمة. وقرأ جمهور الناس: {كُفِر} بضم الكاف وكسر الفاء، واختلفوا في المعنى فقال ابن عباس ومجاهد: {من}، يراد بها الله تعالى كأنه قال: غضبًا وانتصارًا لله، أي انتصر لنفسه فأنجى المؤمنين وأغرق الكافرين. وقال مكي وقيل {من}، يراد بها نوح والمؤمنين، لأنهم كفروا من حيث كفر بهم فجازاهم الله بالنجاة. وقرأ يزيد بن رومان وعيسى وقتادة: {كَفَر} بفتح الكاف والفاء، والضمير في: {تركناها} قال مكي بن أبي طالب هو عائد على هذه الفعلة والقصة. وقال قتادة والنقاش وغيره: هو عائد على هذه السفينة، قالوا وإن الله تعالى أرسلها على الجودي حين تطاولت الجبال وتواضع وهو جبيل بالجزيرة بموضع يقال له باقردى، وأبقى خشبها هنالك حتى رأت بعضه أوائل هذه الأمة. وقال قتادة: وكم من سفينة كانت بعدها صارت رصودا و: {مدكر} أصله: مذتكر، أبدلوا من التاء ذالًا ليناسب الدال في النطق، ثم أدغموا الدال في الدال، وهي قراءة الناس، قال أبو حاتم: رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح وقرأ قتادة: {مذكر} بالذال على إدغام الثاني في الأول، قال أبو حاتم: وذلك رديء ويلزمه أن يقرأ واذكر بعد أمة وتذخرون في بيوتكم.
وقوله تعالى: {فكيف كان عذابي ونذر} توقيف لقريش وتوبيخ، والنذر: جمع نذير، المصدر بمعنى كان عاقبة إنذاري لمن لم يجعل به كأنتم أيها القوم.
و: {يسرنا القرآن} معناه: سهلناه وقربناه و{الذكر}: الحفظ عن ظهر قلب، قال ابن جبير: لم يستظهر من كتب الله سوى القرآن.
قال القاضي أبو محمد: يسر بما فيه من حسن النظم وشرف المعاني فله لوطة بالقلوب، وامتزاج بالعقول السليمة.
وقوله: {فهل من مدكر} استدعاء وحض على ذكره وحفظه لتكون زواجره وعلومه وهداياته حاضرة في النفس. قال مطرف في قوله تعالى: {فهل من مدكر} هل من طالب علم فيعان عليه.
قال القاضي أبو محمد: الآية تعديد نعمة في أن الله يسر الهدى ولا بخل من قبله، فلله در من قبل وهدى. وقد تقدم تعليل: {مدكر}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ}.
ذكر جملًا من وقائع الأمم الماضية تأنيسًا للنبيّ صلى الله عليه وسلم وتعزية له.
{قَبْلَهُمْ} أي قبل قومك.
{فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا} يعني نوحًا.
الزَّمَخْشَرِيُّ: فإن قلت ما معنى قوله: {فَكَذَّبُواْ} بعد قوله: {كَذَّبَتْ}؟ قلت: معناه كذّبوا فكذَّبوا عبدنا؛ أي كذّبوه تكذيبًا على عقب تكذيب؛ كلما مضى منهم قَرْن مكذِّب تبعه قَرْن مكذّب، أو كذّبت قوم نوح الرسل فكذّبوا عبدنا؛ أي لما كانوا مكذِّبين بالرسل جاحدين للنبوة رأسًا كذّبوا نوحًا لأنه من جملة الرسل.
{وَقالواْ مَجْنُونٌ} أي هو مجنون {وازدجر} أي زجر عن دعوى النبوة بالسبّ والوعيد بالقتل.
وقيل إنما قال: {وازدجر} بلفظ ما لم يسم فاعله لأنه رأس آية.
{فَدَعَا رَبَّهُ} أي دعا عليهم حينئذ نوح وقال: رَبِّ {أَنِّي مَغْلُوبٌ} أي غلبوني بتمردهم {فانتصر} أي فانتصر لي.
وقيل: إن الأنبياء كانوا لا يدعون على قومهم بالهلاك إلا بإذن الله عز وجل لهم فيه.
{فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السماء} أي فأجبنا دعاءه وأمرناه باتخاذ السفينة وفتحنا أبواب السماء {بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ} أي كثير؛ قاله السدّي.
قال الشاعر:
أعينيّ جُودَا بالدُّموعِ الهَوَامرِ ** على خيرِ بادٍ من مَعَدٍّ وحاضِرِ

وقيل: إنه المنصبّ المتدفِّق؛ ومنه قول امرىء القيس يصف غيثًا:
رَاحَ تَمْرِيهِ الصَّبَا ثم انتحى ** فيه شُؤْبُوبُ جَنُوبٍ مُنْهَمِرْ

الهَمْر الصبّ؛ وقد هَمَر الماءَ والدَّمْعَ يَهْمِرُ هَمْرًا.
وهَمَر أيضًا إذا أكثر الكلام وأسرع.
وهَمَر له من ماله أي أعطاه.
قال ابن عباس: ففتحنا أبواب السماء بماء (مُنْهَمِرٍ) من غير سحاب لم يقلع أربعين يومًا.
وقرأ ابن عامر ويعقوب: {فَفَتَّحْنَا} مشدّدة على التكثير.
الباقون {فَفَتَحْنَا} مخفَّفًا.
ثم قيل: إنه فتح رتاجها وسعة مسالكها.